في أول شهر مايو من كل عام، يلتفت العالم إلى القوى العاملة ويحتفي بجهودها عبر مناسبة تُعرف عالميًا بـ”عيد العمال” أو ” اليوم العالمي للعمل “، وهو تقليد سنوي نشأ في سياق تاريخي حافل بالنضالات العمالية التي سعت لتقنين ساعات العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية، ورغم أن هذا اليوم يُعد عطلة رسمية في العديد من الدول، إلا أن المملكة العربية السعودية تتعامل معه بطريقة تعكس خصوصية سياقها الاجتماعي والاقتصادي، مركّزة على الاحتفاء بقيمة العمل والعمال ضمن إطار مؤسسي وتنموي.

مسيرة تاريخية: من شيكاغو إلى العالم
تعود جذور هذا اليوم إلى القرن التاسع عشر، حين شهدت مدينة شيكاغو الأميركية احتجاجات واسعة للمطالبة بتحديد ساعات العمل بثمانٍ يوميًا، فيما عُرف لاحقًا بـ”حركة الثماني ساعات”، وفي عام 1866، طالبت رابطة العمال الدولية بتشريع هذا المطلب، معتبرة أن تنظيم يوم العمل هو الأساس لتحسين ظروف الطبقة العاملة، وسرعان ما انتشرت هذه المطالب في كندا وأستراليا ودول أخرى، لترسخ لاحقًا يوم الأول من مايو كتقليد عالمي للاحتفاء بالعاملين والدفاع عن حقوقهم.
الاحتفال في السعودية: طابع مؤسسي ورسالة تقدير
في السعودية، لا يُعد اليوم العالمي للعمال عطلة رسمية، لكنه لا يمر دون اهتمام، فوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظم سنويًا فعاليات وندوات تهدف إلى تسليط الضوء على دور العمال في بناء الاقتصاد الوطني، وتعزيز بيئة العمل المنتجة والعادلة، وغالبًا ما تُقام هذه الفعاليات في مقر الوزارة بمشاركة مسؤولين وممثلين عن القطاعات المختلفة، في رسالة تؤكد دعم الدولة المستمر للعاملين والالتزام بتحسين ظروفهم.

حقوق العمال في الإجازات: ضمانات نظامية وتنظيم دقيق
يرتكز النظام السعودي على مجموعة من المبادئ التي تضمن رفاهية العامل وحفظ حقوقه، لا سيما فيما يتعلق بالإجازات الرسمية، فوفقًا للمادة 112 من نظام العمل، يحق لجميع العاملين في القطاعين العام والخاص الحصول على إجازة مدفوعة الأجر خلال المناسبات والأعياد، سواء كانوا مرتبطين بعقود دائمة، مؤقتة، موسمية، أو عرضية.
وفي حال تطلّبت الظروف تشغيل الموظف خلال هذه الإجازات، فإن النظام يُلزم صاحب العمل بتعويضه ماليًا أو بمنحه يوم إجازة بديل، حسب ما تنص عليه المادة 107 من النظام، مع أجر إضافي لا يقل عن 150% من أجره الأساسي.
اقرأ أيضا: تعرف على شروط الاستقدام الإلكتروني لعوائل المقيمين وخطوات التقديم على طلب الاستقدام إلكترونياً
عيد العمال: مناسبة لتجديد الالتزام بالعامل السعودي
تمثل هذه المناسبة فرصة لتجديد الالتزام تجاه العمال في المملكة، وتعزيز ثقافة التقدير والاحترام لدورهم الحيوي في مسيرة التنمية، فالمملكة، برؤيتها الطموحة، ترى في العامل ركيزة أساسية لتحقيق تطلعاتها المستقبلية، وتُسخّر القوانين والمؤسسات لحماية حقوقه وضمان أمنه الوظيفي.
وبينما تختلف مظاهر الاحتفال بـ اليوم العالمي للعمال بين الدول، يبقى الجوهر واحدًا: الاعتراف بكرامة العمل، والدعوة المستمرة لتحسين حياة من يبنون الأوطان بجهدهم وتفانيهم